امرأة فى الثلاثين

هى امرأة حين تراها للوهلة الاولى تدرك انها فى الثلاثين من عمرها
ليس لان وجهها يدل على ذلك
ولكن لانك ترى فى عينيها نضوج امرأة الثلاثين
وقوة شخصيتها
و رومانسيتها التى تخفيها داخل جسدها
ولكنها تظهر بقوة فى عينيها
تتميز بجسد ممشوق و شعر بنى اللون تتداخل فيه خصلات الشعر الذهبى وكأنها لون اشعة الشمس حين تنعكس على لون شعرها البنى
اما هو فحين تراه تدرك انه رجل قادم من زمان اخر
ملامحه الطفولية التى يرتسم عليها لمحة الحزن و قسوة الزمان
ولون عينيه البنى التى حين تنظر فيهما تدمع عيناك بطريقة لا ارادية وكأنك ترى فيهما حكاية رومانسية جميلة انتهت نهاية مأساوية
ضحكته التى ان كنت حتى لا تتميز بصفة الذكاء ستدرك من الوهلة الاولى انها ضحكة خائفة متوترة و كأنها تخفى وراءها حزن شديد كقناع ملون جميل
حين رأته للمرة الاولى فى عيادة الطبيب النفسى الذى كانا يذهبا اليه كلاهما
ليس ليتعالجا من مرض نفسى بقدر ما انهما كانا يذهبان ليجدا من يسمعهما فى وقت اغلقت فيه كل الابواب و الآذان حولهما فلم يجدا منفذ غير ذلك ليتنفسا ويستطيعا ان يكملا حياتهما بعد ان يخرجا كل ما بداخلهما من غضب وقسوة يعانيان منها طوال الاسبوع
حين رأته تحركت فيها انثى الثلاثين بكل ما تحمله من مشاعر فياضة و كأن قلبها قد عاد للحياة من جديد
بعد ان توقف منذ ايام دراستها فى الجامعة
حين انتهت حكاية حبها مع عصام حين قال لها انه لن يستطيع ان يكمل معها بسبب طموحها الزائد
وحينها قررت ان تغلق على قلبها
واخذت تهتم بنجاحها وعملها
ونسيت قلبها طوال عشر سنين
ولكن قلبها قد قرر قى هذه اللحظة ان يعود للحياة من جديد
ليخرج من سجنه
كان هو جالس فى المقعد المقابل لها بانتظار دوره وكان يتصفح وقتها احدى المجلات
وكأنه يتحاشى النظر اليها
اخذت هى تفكر
لعله لا ينظر اليها كعادة من يترددون على العيادات النفسية
حيث انهم يشعرون بالاحراج الشديد من وجودهم فى مثل ذلك المكان كعادة الشرقيين
ولكنها قد تختلف عن الشرقيين فى هذا الامر حيث انها تربت تربية اوروبية
بسبب ان امها فرنسية الاصل
فبالنسبة لها لم يكن الطب النفسى شىء يجعلها تحرج او تخاف ان يراها احد ترتاد على عيادة هذا الطبيب النفسى
فلعله هو من هذا النوع من البشر ظلت تنظر اليه
تنظر الى عينيه الى شعره الاسود الخشن اللامع
ووجهه الاسمر وانفه الدقيق وشفتاه المنحوتتين
وتحركت بداخلها انثى لم تعرف طعم الجنس من قبل
ولم تدرى لماذا هى منجذبة اليه بهذا الشكل الشديد
لا تعرف
ها هو التمرجى يناديها لتدخل الى الطبيب حيث ان دورها قد جاء
كم كانت تتمنى ان يطول الوقت لتحفظ ملامحه اكثر من هذا حيث انها تخاف ان تنسى هذه الملامح التى حركت فيها كل معانى الانوثة
قامت من جلستها وحملت شنطة يدها
وسارت من امامه
و صوت كعب حذاءها يضرب الارض بقوة
ليعلن له انها امرأة قوية واثقة من نفسها
نظر اليها والى قوامها الممشوق
وهى تسير فى الردهة المؤدية الى حجرة الطبيب
كم تمنى فى هذه اللحظة ان يستوقفها ليقول لها كم هى امرأة جذابة
حركت داخله هذا الرجل الذى يتمنى ان يشارك محبوبته الجميلة ليلة دافئة فى احضان الشموع
وكلاهما يستمتع بجسد الاخر
واخذ يفكر بداخله كيف يكون شكل وجهها
هل هى امرأة جميلة ايضا كما تتميز بهذا القوام الممشوق
قال بداخله مؤكدا
فلا يوجد امرأة بهذه الجاذبية لا تتميز بوجه جميل غجرى الملامح
ولكنه فجأة شعر بغصة فى حلقه
ادرك وقتها انه رجل متزوج من امرأة تحبه وان هذا يعتبر خيانة لها
نعم قد يكون غير سعيد فى حياته الزوجية
ولكن هذا لا يعطيه الحق لان يخون هذه الزوجة الطيبة التى تجلس بانتظاره
وحينها قرر ان يخرج مسرعا من عيادة الطبيب
ليجرى هاربا من امرأة اقتحمته بكل ما فيها من انوثة امرأة فى الثلاثين
اما هى فقد خرجت من عند الطبيب لتبحث عنه فى غرفة الانتظار
ولكنها لم تجده هناك
فسألت التمرجى عنه
فادركت وقتها انه انصرف بدون ان يبدى اسباب
اصابها احباط شديد
و كأنها طفلة قد فقدت عروستها المحببة اليها دون سابق انذار
خرجت من العيادة وصورته ما لا تزال امام عينها تتمنى ان تجده مرة اخرى
ليعيدها الى الحياة

هناك تعليق واحد:

صحصح يقول...

أعتقد أنها ستلاحقه ... او سيرتب القدر لقاء ثان بينهما ... لا اعتقد ان هذه النهاية ... ربما لا تنوي كتابة تكملة .. لكن القصة لها كمالة :)